للصحبة آداب قلّ من يدركها أو يراعيها هذه الأيام… وقل من يحرص على الالتزام بها، في زمن صارت فيه العلاقات الإنسانية قائمة على المصلحة تارة أو على المزاج الشخصي بتجاوزاته وتطرفه تارة أخرى… ولذلك فإننا كثيراً ما نجد المحبة تنقلب إلى عداوة، والصداقة تنقلب إلى بغضاء وخصومة، والأيام الجميلة مجرد صفحة طويت، وكتبت سطورها الأخيرة بالجراح! لو تمسك الأصدقاء بمعاني الصداقة الحقة، والأصحاب بآداب الصحبة لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما… والخصام والجراح إلى علاقاتهما منفذا أو معبرا! ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها… كما وردت في كتب التراث العربي، وفي التعاليم الحنيفة لدين الإسلام، الذي كثيرا ما راعى العلاقات الاجتماعية، وأولاها كبير الاهتمام: 1- أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل. 2- أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، فقد قال) :رسول الله ص المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) [ أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
3- أن يكون الصاحب ذا عقل راجح.
4- أن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع.
5- أن يستر الصديق عيوب صاحبه ولا ينشرها.
6- أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.
7- أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح. 8- أن يصبر على أذى صاحبه.
9- أن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف. 10- أن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية. 11- أن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر.
12- أن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس، ويتبعه إذا مات.
13- أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله.
14- أن يحب له الخير كما يحبه لنفسه.
15- أن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه. 16- أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس. 17- أن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
18- ألا يبخل عليه إذا احتاج إلى معونته، فالصديق وقت الضيق.
19- أن يقضي حوائجه ويسعى في مصالحه، ويرضى من بره بالقليل. 20- أن يؤثره على نفسه ويقدمه على غيره.
21- أن يشاركه في أفراحه، ويواسيه في أحزانه وأتراحه. 22- أن يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.
23- أن ينصفه من نفسه عند الاختلاف.
24- ألا ينسى مودته، فالحرّ من راعى وداد لحظة.
25- ألا يكثر عليه اللوم والعتاب.
26- أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار. وفي ذلك يقول الشاعر: وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
27- أن يقبل معاذيره إذا اعتذر.
28- أن يرحب به عند زيارته، ويبش في وجهه، ويكرمه غاية الإكرام. 29- أن يقدم له الهدايا، ولا ينساه من معروفه وبره.
30- أن ينسى زلاته، ويتجاوز عن هفواته.
31- ألا ينتظر منه مكافأة على حسن صنيعه.
32- أن يُعلمه بمحبته له كما قال رسول الله ص: ( إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه أنه يحبه) [أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
33- ألا يعيّره بذنب فعله، ولا بجرم ارتكبه.
34- أن يتواضع له ولا يتكبر عليه. قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ] الشعراء:215].
35- ألا يكثر معه المُماراة والمجادلة، ولا يجعل ذلك سبيلاً لهجره وخصامه.
36- ألا يسيء به الظن. قال ) :رسول الله صإياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) [رواه مسلم].
37- ألا يفشي له سراً، ولا يخلف معه وعداً، ولا يطيع فيه عدواً. 38- أن يسارع في تهنئته وتبشيره بالخير. 39- ألا يحقر شيئاً من معروفه ولو كان قليلاً.
40- أن يشجعه دائماً على التقدم والنجاح.
ومما لا شك فيه، أن هذه الصفات أو القواعد، قلما تجتمع بصديق هذه الأيام، لكن معرفتها ضرورية، لأنها تساعدنا على السعي لبلوغها وتجسديها، فنكون بذلك رسما إطارا ناصعا إنطلاقا من أنفسنا، لصورة الصديق الذي نحب، ولعلاقة الصداقة التي نتمنى!