متى يكون هناك حوار الحضارات
إذا كانت المجتمعات الإنسانية حريصة على الحوار فعليها واجب كبير وهو إزالة هذه العقبة من طريق الحوار. والسعي لخلاص البشرية من آثارها ومفرزاتها.
مما لا شك فيه أن الموقف الأقوى الآن في أي حوار مفترض هو الموقف الغربي، وأن الموقف الأضعف الآن في أي حوار مفترض هو الموقف العربي والمسلم.
من يحاور من؟ وهل من جدوى لحوار مفترض بين العالم العربي والإسلامي وقوى غربية ضعيفة ليس لها من تأثير في صنع القرار أو تحويل مجرى التوجهات العنصرية التعصبية؟ في أميركا وبريطانيا وأستراليا والكيان الصهيوني وغيرها من الاتباع؟ليس ثمة خلاف بأن الإسلام دين الحوار. وأن أي مسلم هو مع الحوار. فمن طبيعته الفطرية أن يكون ميالاً للحوار مع الآخر. وإذا كان مفهوم الحوار قد اتخذ لدى غير المسلمين دافعاً مكتسباً فإن القرآن الكريم الذي امتزج بالعقل العربي والشخصية العربية جعل من الميل إلى الحوار دافعاً طبيعياً تأصّل وتجذر مع مرور الوقت.
واليوم حين يُطرح حوار الحضارات على مساحة واسعة بين الشمال الغربي والجنوب العربي والإسلامي فإن تقييمات جدية ظهرت وتظهر كل ساعة لإمكانية الحوار أو عدمه. آخذة بعين الاعتبار أن ما يُطرح من تنظيرات هو بعيد جداً عما يجري على الأرض العربية من احتلال وإبادة وامتهان للإنسان العربي والمسلم.
هل يكون حوار والقوات الأميركية تعيد سيرة الاحتلال الاستعماري واغتصاب الأرض العربية؟ وهل يكون حوار وشعار القوى الاستعمارية الكبرى ـ الإسلام هو العدو الحالي للغرب وفي المستقبل؟
هذا الانقلاب الذي يجري في الأفكار لا يدل إلا على مدى المزاجية والتقلب في الاتجاهات ولا يدل على وجود مبادئ وثوابت راسخة.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون الحوار؟ إذا كانت المزاجية تحكم الشارع الجماهيري الغربي فكيف يمكن أن تكون كيانية الحوار وهيكليته؟ ويبدو أن الذي يفتقد للمبدأ الثابت لا يمكن أن يعطيك رأياً صادقاً تثق به وموقفاً حقيقياً جدياً تجاه ما يسمى حوار الحضارات. ويبدو مرة أخرى أن النتائج المترتبة على العدوان على العراق جعلت كثيرين من الغربيين يقولون إن حضارات الغرب انتصرت ومع على الشرق العربي المسلم إلا التسليم والقبول بقيم الغرب بدلاً من قيم الشرق المهزومة.